الثلاثاء، 1 سبتمبر 2009

لي لسان لن أقطعه!

لي صديقة عزيزة.
أحبها رغم أن معرفتي بها لازالت قصيرة.

حذرتني!
وكادت أن تنهرني.

قالت لي: هل لديك ميول انتحارية؟
رديت بلا.

فأردفت: "إذن أكتمي صوتك. لا تتعجلي بعرض أرائك كما هي. أنت تعيشين في واقع لا تتجادلين فيه مع من يخالفك بالكلمة والحرف والقلم. بعضهم سيرد عليك بسكين ينغرز خلسة في جسدك، وأنت لا تتوقعين".

وأكملت: "اعرضي أرائك تدريجياً، حتى يكون القارئ مهيئاً لما تقولينه. ماذا يجديني إذا كتبت كتابين، ثم تعرضت للأذى. أكتبي عشرة، وفي العاشرة دعي ملامح اعتراضاتك تتجلى في هدوء".

قالت كل هذا لأني صارحتها بأن رئيس تحرير موقع شفاف بيار عقل وافق متكرماً على نشر سلسلة لي بدءا من شهر سبتمبر القادم تحت عنوان "يوميات امرأة عربية"، أعرض فيها لوجهة نظر كامرأة تقول إن هويتها تتداخل بين عدة دوائر.

أولها أنها إنسانة، وثانيها، أنها عربية، وثالثها، أنها مسلمة. لكن الثالثة تظل حيزاًَ خاصاً تتعامل معه بحب، و تحرص عليه في الوقت ذاته من العلانية.

وأقول أيضاً إني وأن اخترت الإسلام ديناً، إلا أن هناك أوجه من هذه الديانة، عاف عليها الزمان، وأن بعضها لا يمت إلى واقعنا بصلة، وغيرها تم تأسيسه لحماية مصالح عديدة، ولذا هي من الدين الحنيف براء.

وأقول أيضاً إنه كما كان العقل عند المعتزلة مرجعاً في التشريع، فإني أراه أيضاً مرجعا في الحياة، أؤسس عليه حياتي، وأقيم عليه قواعد بناء إنسانيتي. وإني لذلك سأعرض وجهة نظر لرؤية إنسانية للدين الإسلامي الحنيف، هي على النقيض تماماً من تفسيرات القرون الوسطى.

أقول كل هذا من منظور أنثوي قد يثير الاشمئزاز لدى البعض، وقد يعتبره البعض ترهات امرأة تنظر إلى التفاصيل، وتدخلنا في متاهات لا داعي لها. لكن الشيطان يا عزيزي كما تعرف يختبئ دائماً في التفاصيل.

ربما لذلك ستقول لي "لم لا تستمعين إلى رأي صديقتك الطيبة. فحديثها منطقي وهادئ، وهو أدعى إلى الحفاظ على السلامة".

ومادمت أنت وهي قد اتفقتما، فلعل الحق معكما.
ربما من الأفضل لذلك أن ألجم لساني، أو لعل الأفضل أن أقطعه؟
لنقطعه ولنتخلص من وجع الرأس.

نقطعه كما قُطع لسان إبن المقفع!
قطعه أولو الأمر لأنه أراد النصيحة بكلمات مواربة.
ولأنهم قطعوه رغم أنه آثر السلامة، أفُضل لذلك أن أنطق برأيي بلا مواربة، بصورة مباشرة.

لساني إذن من النوع العنيد، يقول الكلمة وهو يعنيها، ويترك لمن أمامه الخيار أن يقبلها أو يرفضها، وحبذا لو رفضها بالكلمة والحوار لا بالرصاص والتجريح.

الصمت لم يعد خياراً. أصبح واجباً ، نكسره ونتحمل عواقب كسره.

هو الصمت الذي جعلنا نقف اليوم، ونحن في القرن الواحد والعشرين، محلك سر.
كأن الزمن مر على كل الأمم ليقف عندنا ساكناً، لا يتزحزح، و نسكن لذلك في فجوة زمنية، نعيش فيها ما عايشته أوروبا في القرون الوسطى.

هو الصمت عدونا، ومعه الخوف الذي يلجم ألسنتا.
ولأنهما كذلك قررت أن لا أقطع لساني.
أن أحافظ عليه.
وأن أنازلهما، الصمت والخوف، بالكلمة والحرف.


ولأن قراري كان عقلانياً أسألكما، أنتَ وهي، أن توافياني الأسبوع القادم في يومياتي العربية.

لعلكما تستمعان وتصغيان، ولا تجفلان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق